القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
شفاء العليل شرح منار السبيل
204674 مشاهدة
عرق وريق الآدمي ومأكول اللحم

قوله: [ وعرق وريق من طاهر طاهر ] لما روى مسلم عن أبي هريرة مرفوعا وفيه فإذا انتخع أحدكم فلينتخع عن يساره، أو تحت قدمه، فإن لم يجد فليقل هكذا، فتفل في ثوبه، ثم مسحه بعضه في بعض . ولو كانت نجسة لما أمر بمسحها في ثوبه وهو في الصلاة، ولا تحت قدمه، ولنجست الفم.


الشرح: فضلات الإنسان - كما علمنا- منها ما هو نجس يقينا كالبول، والغائط، والدم.
ومنها ما هو طاهر كالدمع، والريق، وما يتحلل من الأنف، والفم، والأذن، والعين، وهكذا العرق من البدن كله.
فهذه كلها طاهرة.
وهكذا كل الحيوانات المأكولة اللحم فضلاتها طاهرة
بل أيضا فإن مأكول اللحم يكون رجيعه وبوله طاهرا- كما علمنا سابقا .
أما غير مأكول اللحم فإنه يقاس على الإنسان، فرجيع الحمار وبوله نجس، وأما عرقه وريقه فالصحيح أنه طاهر، وذلك لأن الصحابة كانوا يركبون الحمر في البلاد الحارة، ولا شك أنهم كانوا يعرقون عليها، وكانت تعرق هي أيضا، فلم يكونوا يغسلون مالابس ثيابهم، أو جلودهم من عرقها.
فدل هذا على طهارة عرقها، ومثله أيضا ريقها، فإنهم كثيرا ما يشربون من الإناء الذي يشرب منه، أو يغتسلون منه، ولا يتوقون ذلك.
فدل هذا على أن نجاستها خفيفة، لكونها مما يحتاج الناس إلى اقتنائه، وإلى استعماله.
وهذا بخلاف سباع البهائم، وسباع الطير، ونحوها.
فعلى كل حال : ريق الإنسان طاهر، وهكذا نخامه، ومخاطه، ودمعه، وصديد أذنه، يعني ما يتحلل من رطوبة الأذن، وعرقه، ونحو ذلك طاهر.
والدليل عليه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أباح للإنسان إذا لم يجد شيئا يتفل فيه أن يتفل في طرف ثوبه، ثم يرد بعضه على بعض، أو يجعله تحت يساره، ولم يأمره بعد الانتخام أن يغسل فمه.
فدل هذا على طهارة النخامة، ونحوها.